حنبعل بركا هو من أهم القادة العسكريين القرطاجيين. ولد بقرطاج سنة 247 قبل الميلاد، ورافق
وهو في التاسعة من عمره والده أميلكار بركا في حملته على اسبانيا. وفي سنة 221 اختاره
الجنود قائدا بعد اغتيال صدربعل زوج أخته صلامبو، فتمكن من بسط نفوذ قرطاج على كامل شبه
الجزيرة الإيبيرية بما في ذلك إحدى المحميات الرومانية. وقد رأت روما في ذلك خرقا للمعاهدة التي
عقدت إثر الحرب البونيقية الأولى، وطالبت بتسليمها حنبعل، وقد كان رفض هذا الطلب سببا في
اندلاع الحرب البونيقية الثانية بين سنتي 218 و201 قبل الميلاد.
بدأ حنبعل زحفه على روما سنة 218 قبل الميلاد حين غادر مدينة قرطاجنة بإسبانيا بجيش قوامه
40.000 جندي، فعبر جبال البيريني وجبال الألب خلال 15 يوما رغم صعوبة الطريق وهجومات
القبائل المعادية، واستطاع إلحاق هزائم كبيرة بالقوات الرومانية في العديد من المعارك، لتتواصل
سيطرته بعد ذلك على العديد من المقاطعات الرومانية حتى سنة 211 قبل الميلاد، حين حاصر
عاصمة الامبراطورية دون أن يستطيع اختراق تحصيناتها، بعد أن رفض حلفاؤه مده بالتعزيزات
اللازمة.
وفي سنة 202 قبل الميلاد، شنت روما بقيادة شيبون الإفريقي هجوما على قرطاج، فلاقاه حنبعل
في منطقة زامة، إلا أن جنوده حديثي العهد بالقتال فروا من ساحة المعركة تاركين الجنود
المتمرسين يواجهون الرومان بمفردهم، فأبيد عدد كبير منهم، واستسلمت قرطاج لتنتهي بذلك
الحرب البونيقية الثانية.
بادر حنبعل بعد انتهاء الحرب إلى العمل على تطوير قرطاج، فعدل الدستور وقاوم الفساد وسعى
إلى تعزيز موارد الدولة، إلا أن روما رأت في ذلك إعدادا لحرب أخرى، فعملت على إبعاده، وهو ما
كان لها، إذ لجأ القائد العظيم إلى ملك سوريا الذي كان بدوره في حرب مع روما، إلا أن هزيمة هذ
ا الأخير سنة 190 قبل الميلاد جعلت حنبعل ينتقل نحو شمالي بلاد الأناضول، وهناك وضع عبقريته
في خدمة ملكها، إلا أن هذا الأخير رضخ لضغوطات روما التي لم تكف عن ملاحقة غريمها القديم
وأرسلت في طلبه، وحين أيقن حنبعل بحتمية وقوعه أسيرا، آثر الانتحار مقدما آخر درس له في
رفض الإهانة والتعلق بالحرية.