مع التّطوّر العلمي والصّحّي ارتفع عدد المسنّين في العالم،إذ تشير الإحصائيّات الدوليّة إلى أنّ عدد المسنّين (60 سنة فأكثر)على مستوى العالم بلغ 250 مليونا عام 1962،ثمّ ارتفع هذا العدد إلى 376 مليونا عام 1980،كما تشير آخر التّقديرات عام 2000 أنّ عدد المسنّين في العالم 600 مليونا،ثمّ إلى 950 مليونا عام 2020 ،وفي المقابل ترتفع نسبة المسنّين إلى سكّان العالم من 8,2 % إلى حوالي 12,5% عام 2020 .
ولم يحدّثنا التّاريخ الإنساني عن ظاهرة تزايد عدد المسنّين بهذه الكمّية،بمثل ماهو متوفّر في عصرنا الحاضر.
وفي هذه الحقيقة(تزايد عدد المسنّين في العالم) ينبغي أن تنعكس على الأنظمة الاجتماعيّة والخدمات والمهن الإنسانيّة الّتي تتعامل مع المسنّين،إذ كلّما ارتفعت أعداد المسنّين تعدّدت وتنوّعت الحاجات والمتطلّبات،الأمر الّذي جعل من رعاية المسنّين قضيّة ملحّة على المستويين الاجتماعي والإنساني،ولابدّ أن ندرك أنّ التّقدّم في العمر والوصول إلى سنّ الشّيخوخة ليس مشكلة بذاتها،وإنّما نودّ قوله أنّ لكلّ فئة عمريّة مشكلاتها الّتي ينبغي أن تتظافر الجهود لعلاجها بما يتناسب وطبيعة الفئة العمريّة، وإزاء هذه التّحوّلات الاجتماعيّة السّريعة الّتي نشهدها،ينبغي أن نلتفت إلى هذه المشكلة للعمل على تطوير المهن الإنسانيّة وأساليب الخدمة الاجتماعيّة لتوفير أرقى حالة ممكنة في رعاية المسنّين.
ولابدّ أن ندرك في هذا الإطار أنّ استفحال النّزاعات العائليّة والاجتماعيّة يدفع بشكل أو بآخر إلى إهمال المسنّين وعدم الالتفات إلى متطلّباتهم وحاجاتهم النّفسيّة والاجتماعيّة والجسديّة،لذلك نرى أنّ إصلاح الأوضاع الاجتماعيّة وتنظيم المحيط الأسري وتوعيته يساهمان في تطوير مستوى الرّعاية لدى المسنّين،فالأسرة بما تشكّل من علاقات وبيئة وهي المسؤولة الأولى عن رعاية المسنّين لديها،فمؤسّسات الإيواء ليست بديلا عن الأسرة في هذا المجال،وذلك لأنّ الأسرة تمتلك مواصفات لا تملكها مؤسّسات الإيواء،لذلك ينبغي أن تلتفت كلّ الأسر إلى ضرورة العناية بالشّيوخ والمسنّين لأنّها هي البيئة المثلى لتوفير كلّ أشكال الرّعاية للمسنّ.